« مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة »، هكذا قرر المرشح المُقصى من
الرئاسيات الجزائرية الأخيرة رشيد نقاز، بدأ مسيرته كتعبير « حضاري »،
رافعا شعار « التغيير السلمي ». وبالرغم من تعرضه لعدة اعتقالات، كان في كل
مرّة يعود إلى المسيرة لينهي الطريق الذي بدأه، دون أن تثنيه حواجز القوة
العمومية، ولا المسافة الطويلة التي قاربت 700 كيلومترا مشيا على الأقدام.
تشبه مسيرة نكاز كثيرا، الطريقة التي أدار بها الزعيم الصيني ماو تسي
تونغ، مسيرة الجيش الأحمر نحو الشمال، قاطعا مسافة 10 آلاف كيلومتر سيرا
على الأقدام ن للوصول إلى شمال الصين والحصول على دعم الاتحاد السوفياتي،
وقد انطلقت المسيرة بـ 100 ألف صيني، وصل منهم فقط 20 ألف وقد هلك أغلبهم
بسبب عمليات الإبادة التي تعرضوا لها من طرف الجيش النظامي.. وبما يشبه هذه
الطريقة دعا رشيد نقاز على صفحته الرسمية، بموقع التواصل الاجتماعي
العاصميين إلى إنهاء الكيلومتر الأخير من مسيرته التي أطلقها من ولاية
خنشلة في الفاتح من نوفمبر الماضي، باتجاه العاصمة، والتي عرفت سلسلة من
الاعتقالات في بجاية والعاصمة من طرف الشرطة.
ونشر نقاز على صفحته أنه سيحتفل بعيد ميلاده الثالث والأربعين في التاسع
من جانفي القادم، في مسيرته الأخيرة، على مسافة 1.5 كليومتر، من شارع حسيبة
بن بوعلي، إلى ساحة البريد المركزي بالجزائر العاصمة، داعيا العاصمين
مشاركته هذه المسيرة.
« مسيرة التغيير السلمي » التي أطلقها نقاز، ضرب بها أسمى الأمثلة في
الاحتجاج الحضاري الراقي، والتي غابت عن مخيلة كثير، مما يقفون في ضفة
المعارضة، حيث برهن الرجل أن صناعة المواقف، لا يجب أن تصدر من مسؤولين
ومستوزرين سابقين، وأن المبادئ بإمكانها أن تترسخ بعيدا عن القاعات المغلقة
والاجتماعات، وبعيدا عن الرخص التي تمنحها السلطة، مثلما تمنح الصدقات على
المعارضة، حسبما نشره بعض رواد الفايسبوك.
موقف الرجل بقي ثابتا رغم المشاكل التي تعرض لها، ومحاولات منعه
المتكررة من أجل إيقاف مسيرته، ولكنه كان في كل مرة يعود ويواصل مسيرته بلا
هوادة.
بأسلوبه الهاديء، ورسائله التهكمية، لخص نقاز أهداف مسيرته في ثلاثة نقاط
حسب ما أعلنه على صفتحه، فأولا قال أنه يريد إيصال رسالة مفادها أن الجزائر
بلد آمن، معتبرا أنه كان يمسي وينام في الخيام ليلا دون مشاكل، والأمر ليس
بحاجة إلى تهويل من طرف السلطات لمنع المسيرات، أما ثانيا فاعتبرها رسالة
موجهة إلى الشباب الجزائري، بأن لكل شيء ثمن ولا شيء يأتي من عدم، وإنما
يأتي من الصبر والتضحية، أما الأخيرة فاختصرها، في الحاجة إلى التغيير
السلمي في السلوك وفي المواقف وفي طريقة الحكم في الجزائر، هو يريد أن ينهي
مسيرته على طريقة القائد الصيني « ماو تسي تونغ » التي انطلقت من الجنوب
إلى الشمال، وكان هدفها تغيير النظام والإطاحة بشيانغ كاي شيك.
0 التعليقات: